ذات مرة رأى الحاكم أن الناس كلها خاضعة خانعة لا يعترض أحد و لا يتبرم أحد ، مهما حدث لهم فإنهم مستسلمون منقادون ، فنادى وزيره و اظهر له ضيقه من خنوع الناس و أنه كان يرغب أن يكون شعبه أكثر إيجابية ، يعنى على الأقل تخرج و لو مظاهرة واحدة تعترض على أى شيء ، حتى لمجرد أن يعلم العالم أن الب...لد فيها ديموقراطية .فاقترح وزيره أن يقوموا بالضغط على الشعب حتى يخرج عن طوره و يبدأ فى الاعتراض ، و اقترح أسلوباً للضغط يتمثل فى فرض الحكومة رسوماً على صعود أهم كوبرى فى البلد و اكثرها ارتياداً ، فما كان من الناس إلا أن خضعوا و دفعوا و استكانوا ، فغضب الحاكم ، فاقترح عليه الوزير أن يفرض رسوماً على الهبوط من الكوبرى أيضاً ، فما كان من الناس إلا أن خضعوا و دفعوا و استكانوا أيضاً ، فاستشاط الحاكم غضباً و هدد الوزير بالعزل إن لم يحل هذه المشكلة . طبعاً يدرك هذا الحاكم أنه هو الذى قتل النخوة فى قلوب الناس .بات الوزير سهراناً يفكر فى شيء فظيع يصنعه فى الناس حتى يخرجوا عن شعورهم و يبدأوا فى الاعتراض و المظاهرات ، فأمر رجال الأمن أنه بالإضافة إلى تحصيل رسوم الصعود على الكوبرى و تحصيل رسوم الهبوط يقف أحد رجال الأمن فيصفع كل واحد على قفاه قبل الهبوط من الكوبرى .و بالفعل بدأ تنفيذ هذا الأمر ووقف الناس طابوراً طويلاً منتظرين أن يُصْفَعوا على قفاهم حتى يستطيعوا النزول من على الكوبرى ! ، و كان الوزير قد ذهب بنفسه يتابع الموقف فكاد يتميز من الغيظ لما رأى هذا الخضوع و الخنوع من الناس .إلا أنه بعد وقت طويل سمع مواطناً يرفع صوته فى اعتراض واضحالمواطن : دى مش طريقة ... مينفعش كده ... ده أسلوب غير آدمى طبعاً شعر الوزير بالانشراح و السرور ... أخيراً فى واحد عنده كرامة ، فأمر باستدعائه فأتوا به إليه فسأله فوجده صلباً جاداً !!المواطن : يا فندم ده ميرضيش حد أبداً ... إحنا بقالنا ساعتين واقفين .. ورانا أشغال اتأخرنا عليها الوزير : ( سعيداً ) طيب و إيه المطلوب ؟!المواطن : ( بمنتهى الثورة ) يعنى يا فندم الحكومة كانت لازم تعين أكثر من واحد يدينا على قفانا عشان نخلص بسرعة و منتأخرش !!طبعاً الوزير أصيب بجلطة ...